نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 2 صفحه : 104
الغاية. وهذا تذكار لما نزل عليهم بمكة من قوله: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ الآية.
والضمير في معهم للكفرة المدلول عليهم بقوله يكفر بها ويستهزأ بها. إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ في الاثم لأنكم قادرون على الاعراض عنهم والإِنكار عليهم، أو الكفر إِن رضيتم بذلك، أو لأن الذين يقاعدون الخائضين في القرآن من الأحبار كانوا منافقين، ويدل عليه: إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً يعني القاعدين والمقعود معهم، وإذا ملغاة لوقوعها بين الاسم والخبر، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل وإفراد مثلهم، لأنه كالمصدر أو للاستغناء بالإِضافة إلى الجمع. وقرئ بالفتح على البناء لإِضافته إلى مبني كقوله تعالى:
مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ.
[سورة النساء (4) : آية 141]
الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)
الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ ينتظرون وقوع أمر بكم، وهو بدل من الذين يتخذون، أو صفة للمنافقين والكافرين أو ذم مرفوع أو منصوب أو مبتدأ خبره. فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ مظاهرين لكم فاسهموا لنا مما غنمتم. وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ من الحرب فإنها سجال قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ أي قالوا للكفرة: ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم، والاستحواذ الاستيلاء وكان القياس أن يقال استحاذ يستحيذ استحاذة فجاءت على الأصل. وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بأن خذلناهم بتخييل ما ضعفت به قلوبهم وتوانينا في مظاهرتهم فأشركونا فيما أصبتم، وإنما سمي ظفر المسلمين فتحاً وظفر الكافرين نصيباً لخسة حظهم، فإنه مقصور على أمر دنيوي سريع الزوال. فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا حينئذ أو في الدنيا والمراد بالسبيل الحجة، واحتج به أصحابنا على فساد شراء الكافر المسلم. والحنفية على حصول البينونة بنفس الارتداد وهو ضعيف لأنه لا ينفي أن يكون إذا عاد إلى الإِيمان قبل مضي العدة.
[سورة النساء (4) : الآيات 142 الى 143]
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لاَ إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
سبق الكلام فيه أول سورة البقرة. وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى
متثاقلين كالمكرْه على الفعل وقرئ كسالى بالفتح وهما جمعا كسلان. يُراؤُنَ النَّاسَ
ليخالوهم مؤمنين المراءاة مفاعلة بمعنى التفعيل كنعم وناعم أو للمقابلة فإن المرائي يري من يرائيه عمله وهو يريه استحسانه. وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
إذ المرائي لا يفعل إلا بحضرة من يرائيه، وهو أقل أحواله أو لأن ذكرهم باللسان قليل بالإِضافة إلى الذكر بالقلب. وقيل: المراد بالذكر الصلاة. وقيل الذكر فيها فإنهم لا يذكرون فيها غير التكبير والتسليم.
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ حال من واو يُراؤُنَ
كقوله: وَلا يَذْكُرُونَ
أي يراءونهم غير ذاكرين مذبذبين أو واو يذكرون أو منصوب على الذم، والمعنى: مرددين بين الإِيمان والكفر من الذبذبة وهي جعل الشيء مضطرباً، وأصله الذي بمعنى الطرد. وقرئ بكسر الذال بمعنى يذبذبون قلوبهم أو دينهم أو يتذبذبون كقولهم: صلصل بمعنى تصلصل. وقرئ بالدال الغير المعجمة بمعنى أخذوا تارة في دبة وتارة في دبة وهي
نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 2 صفحه : 104